8:07 PM المعونة الأمريكية لمصر.. فى ميزان الحسابات السياسية والجدوى الاقتصادية | |
وينص مشروع القانون،الذي قدمته إلينا روس ليهتناين، عضو مجلس النواب الأمريكى، ومعها عدد من أعضاء المجلس من الحزب الجمهورى، قبل أيام على امتناع الولايات المتحدة عن تقديم أى معونات لمصر من أى نوع سواء كانت اقتصادية أو سياسية ما لم تقم الحكومة الجديدة المنتخبة فيها بتقديم ما يكفى من البراهين على أنها لا تخضع بأى صورة لأى عناصر متطرفة أو متورطة فى أعمال إرهابية أو جماعة إرهابية أجنبية. وترجع فكرة المعونة الأمريكية لمصر إلى عام 1952 تحديدا، بعد ثورة 23 يوليو، كما يؤكد الدكتور نصار عبدالله، أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة جنوب الوادي، في محاولة منها لاحتواء ثورة يوليو، وقدمت الولايات المتحدة معونتها على شكل أدوية وسلع غذائية وجزء آخر عبارة عن مساعدات نقدية، ولم تكن تلك المساعدات تقدم بشكل منظم، بحسب نصار، ومع اتجاه مصر للكتلة الشرقية والاعتماد عليها في التسلح، رفعت الولايات المتحدة حجم مساعدتها لمصر حتى تستقطبها لكتلتها. ومع بداية عام 1966 كانت مصر تستعد لمشروع نووي "مفاعل أنشاص" إضافة إلى رفضها المستمر للمقترحات الأمريكية الخاصة بعلاقة مصر وإسرائيل، وكرد فعل منها قلصت الولايات المتحدة مساعدتها لمصر في العام نفسه. ويكمل "نصار"، "وبعد عام 1966 دعمت مصر منظمة التحرير الفلسطينية، وفى 1967 طلبت من الأمم المتحدة سحب قواتها من مصر، فقامت أمريكا بقطع المساعدات تماما عنها، وعادت المساعدات بشكل منتظم بعد توقيع اتفاقية السلام كثمن للاتفاقية". ومنذ عام 1979 عقب توقيع إتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، دأبت الولايات المتحدة على تقديم معونة لمصر تقدر بـ 2.1 مليار دولار، منها 1.3 مليار دولار معونة عسكرية و815 مليون دولار معونة اقتصادية، وتلك الأخيرة يتم تخفيضها بشكل تدريجي سنويا بنسبة 5%، منذ عام 1998 بإتفاق مع الحكومة المصرية، لتصل إلى 250 مليون دولار في العام الحالي، طبقا لما أعلنه جيمس بيفر رئيس هيئة المعونة الأمريكية، وتنتهي خلال السنوات القليلة القادمة مع الاحتفاظ بقيمة المعونة العسكرية كما هي.. أهداف المعونة وسبل الإنفاق: وتقول الدكتورة ضحى عبدالحميد، أستاذ الإدارة والعلاقات الدولية بالجامعة الكندية، إن الهدف من تقديم المعونة هو الاستثمار والتجارة، وهي دائما تكون مشروطة ومرتبطة بشكل أساسي بتقليص الإرهاب، مشيرة إلى أن المعونة توزعت على برامج مختلفة، كالبرامج القطاعية مثل المياه والصرف، وبرامج اجتماعية، كالتعليم والتعليم العالي وجودة التعليم، وبرامج متصلة بالديمقراطية، وبرامج تطوير القضاء، بالإضافة إلى برامج التدريب الفني. وهذا أيضا ما يؤكده موقع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، حيث ذكر الموقع أن الوكالة عملت مع الحكومة المصرية والشركاء المحليين، خلال الخمس سنوات الأخيرة، في جهد مشترك لتحسين مستوى معيشة المصريين، وحدث تقدم ملحوظ من خلال الاستثمارات والمعونة الفنية في مجالات التعليم والنمو الاقتصادي والصحة وإدارة المياه والزراعة والبيئة والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى الديمقراطية والمجتمع المدني، مؤكدا أنه خلال الثلاثين عام الماضية، ساهمت الحكومة الأمريكية بأكثر من 28 مليار دولار أمريكي في شكل مساعدات إقتصادية لمصر منذ عام 1975 . ويشير الموقع إلى أن الوكالة ساهمت بحوالي 1.3 مليار دولار لقطاع الزراعة وإدارة الموارد المائية على مدار 35 عامًا، وفى مجال التعليم ساهم برنامج الإصلاح التعليمي تحسين ممارسات المعلمين بنسبة 31%، وقدمت الولايات المتحدة أكثر من 24 مليون كتاب إلى 39 ألف مدرسة عامة لإضافتهم إلى مكتباتها، كما قدمت منح دراسية إلى 185 ألف فتاة، وساهمت في كادر المعلمين الذي أجرى لـ 830 ألف معلم ومدير. كما ساهمت المعونة، بحسب موقع وكالة التنمية الدولية، برنامج بناء معايير وطنية مصرية في 16 ألف مدرسة مصرية. أما في قطاع الصحة.. فقد ساهمت المعونة في تمويل حملات مكافحة شلل الأطفال عام 2006، والكشف عن حالات مبكرة من أنفلونزا الطيور والتوعية بالمرض وخفض معدلات الوفاة الناجمة عنه، كما ساهمت الوكالة، بحسب الموقع، في تجديد 245 من العيادات الصحية، ومنذ عام 1975 حتى عام 2000 وصل إجمالي المعونة إلى 24 مليار دولار، منها 4.5 مليار دولار للخدمات الأساسية كالصحة وتنظيم الأسرة والتعليم والزراعة والبيئة، وتبلغ نسبة هذا البند 18.5% من الإجمالي، و5.9 مليار دولار لمشروعات البنية الأساسية شاملة مياه الري والصرف الصحي، والصحة العامة، والطاقة الكهربائية، والاتصالات والنقل، وذلك بنسبة 24.3 % من الإجمالي، و6.7 مليار دولار للواردات السلعية بالنسبة 27.6 % من الإجمالي، و3.9 مليار دولار للمعونات الغذائية بنسبة 16% من الإجمالي، إضافة إلى 3.3 مليار دولار تحويلات نقدية ومعونات فنية في مجال إصلاح السياسات والتكيف الهيكلي كالتدريب وتقديم الاستثمارات، وذلك بنسبة 13.5% من الإجمالي. وساهمت المعونة، كما يؤكد موقع الوكالة، في برامج الديمقراطية والحكم من خلال برنامج تحقيق العدالة لأكثر من 16 ألف طفل و8 آلاف و700 أسرة، وتدريب أكثر من 2000 شخص في المجال الإعلامي، كما ساهمت كذلك، في تدريب أكثر من 13 ألف مراقب على الإنتخابات المحلية، وفى الجانب الاقتصادي، قدمت أمريكا، في السنوات الخمس الماضية، أكثر من 415 مليون دولار لأكثر من 296 شركة قطاع خاص لتمويل الواردات من الولايات المتحدة، كما ساهمت المعونة في رفع مكانة مصر الإقتصادية في المنتدى الاقتصادي العالمي 10/2009 في مؤشر الشفافية ليرتفع ترتيبها من 81 إلى 70. تشير "ضحى" إلى أن جزءًا كبيرًا من المعونة الاقتصادية، كان يذهب إلى خبراء أغلبهم أجانب على هيئة مرتبات وشراء المعدات والمستلزمات من الدول المانحة، مضيفة "فكانت المنح ترد مرة أخرى للمانح". ويتفق معها الدكتور شريف دلاور، الخبير الاقتصادي، مشيرا إلى أن الجزء الأكبر من المعونة يستفيد منه الخبراء والشركات الأمريكية، قائلا " يأتي بجانب المعونة دائما شرط الإستعانة بالخبراء والشركات الأمريكية، فكان الوضع إن ما نأخذه منهم باليمين يرد إليهم باليسار"، مضيفا "وليس معنى هذا أننا لم ننتفع بها، فالمعونة حققت بعض النجاحات في بعض المجالات ولكنها نجاحات محدودة وليس كما كنا نتوقع". إمكانية الاستغناء والاكتفاء الذاتي: وعن ماذا سيحدث في حال إنقطاع المعونة الأمريكية، تؤكد "ضحى" أننا في حاجة إلى أي دولار يأتي معونة لنا، قائلة "الموازنة شكلها مزري جدا، 9% فقط موازنة استثمارية من إجمالى الموازنة، ونحن في مرحلة تحتاج للبناء لأن الوضع الإقتصادي صعب جدا"، مضيفة "يجب أن يكون لدينا برنامج حقيقي، وأن نكون واعين تماما لمصالحنا ، وهناك مرجعيات دولية تسمح لنا أن نطلب من الدول المانحة عدم التقيد بخبرائهم أو شركاتهم الأجنبية، إضافة إلى أن نتائج برامجنا تؤدي إلى التنمية لكافة الطبقات خاصة الفقيرة، بمعنى أننا نوسع دائرة التنمية لغالبية فئات الشعب وليس لـ5%فقط كما كان يحدث في النظام السابق". ومن جانبه يؤكد "نصار"أننا نعاني من ضغوط إقتصادية هائلة مع وجود المعونة، وبالتالي ستتضاعف تلك الضغوط في حال إنقطاعها، مشيرا إلى أن مصر مطالبة بقدر كبير من الانضباط الإقتصادي لمواجهة قطع المعونة، مضيفا "كما يجب توفير مصادر بديلة لتسير حركة الإقتصاد، وهو ما يتطلب تضحية كبرى، بمعنى عدم زيادة المرتبات، تقبل نقص الخدمات، البطء في مكافحة البطالة وما إلى ذلك". أما "دلاور"، فيؤكد أن أي اقتصاد قادر على بناء نفسه اعتمادا على موارده الذاتية، مضيفًا "في حال اعتمادنا على مواردنا الذاتية نستطيع الاستغناء نهائيا عن أي معونة أو قروض"، موضحًا أن الإشكالية تكمن في سوء إدارة الموارد المحلية وليس نقصها. ويتفق معه الدكتور وحيد عبدالمجيد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤكدا أن مصر تحتاج في المرحلة القادمة إلى إعادة هيكلة نظامها الاقتصادي وفى تلك الحالة لن تحتاج إلى منح أو قروض ، مضيفا "لدينا إهدار شديد في الموارد يجب أن يعالج، بالإضافة إلى وضع حد للنهب والفساد"، مشيرا إلى أن جزءا كبيرا من الموارد لا يدخل في إطار الموازنة العامة للدولة، وهو ما يفتح الباب لكثير من التلاعب، مؤكدا على ضرورة إصلاح الهيكل الاقتصادي وسد أي ثغرة تسمح بالفساد. | |
|
مجموع المقالات: 0 | |