10:16 AM خالد الصاوي يكتب في التحرير: ردا على اللواء الفنجري | |
من المقصود بالتهديد الذي تضمنته كلمة اللواء الفنجري الأخيرة؟ الثوار أم بلطجية النظام الذين ما زالوا يفلتون من حسم المجلس العسكري؟ من أشار عليه بهذه اللهجة؟ من قال له إن تهديد الثوار بالإصبع وتغليظ الصوت وتحمير العين سوف يثنيهم عن مطالبهم المشروعة؟ من الذي صدح بعبارة «هايل» فور انتهاء الكلمة، مما ذكرني بعبارة «كونتراتو» في الأفلام القديمة؟ من الذي دمر بعض المحبة التي حصل عليها اللواء الفنجري، حينما قدم التحية لشهدائنا؟ أم هل تحية الشهداء شيء وصيانة حقوقهم وذكراهم واحترام عائلاتهم هم ومصابينا الأحياء وتحقيق أحلام المصريين في وطن كريم مطهر شيء آخر؟ يبدو أن ذاكرة المجلس العسكري تحتاج لإنعاش.. ليكن.. جل من لا يسهو.. محبة المصريين واحترامهم لجيشهم قديمة قدم مصر نفسها، فهو حامي مزارعيها وبنائيها ومبدعيها على مدار تاريخنا العريق، ولكنه أيضا واقع تحت جناح الطبقة الحاكمة دائما، سواء كان الحكام في صف غالبية الشعب أو ضدها، وقد قاتل جند مصر الأشداء ببسالة وراء زعماء وطنيين مثل أحمس وتحتمس وأحمد عرابي وجمال عبد الناصر، كما قاتلوا بنفس البسالة وراء حكام يحتقرون المصريين مثل كليوباترا ومحمد علي، بل قاتلوا أحيانا وراء الحاكم نفسه مرة مع الشعب ومرة ضده، كما حدث خلال حكم الأيوبيين والمماليك مثلا. ليس الجيش مؤسسة منفصلة عن مجمل الهرم الاجتماعي ، فهو طبقي مثل المجتمع ودولته، قراراته تنبع من أعلاه لا من قواعده، والتعليمات تصدر إليه أصلا من خارجه.. من دائرة صنع القرار السياسي التي تكون أحيانا عسكرية وأحيانا مدنية وأحيانا مزيجا من الاثنتين.. ولكنها دائما دائرة ضيقة جدا لأنها في النهاية هي مستقر السلطات والثروات في المجتمع. وفي عهد الباشوات كان الجيش المصري فرعا من الجيش البريطاني، وقد حارب جنوده ضد أعداء بريطانيا في الحربين العالميتين، مثلهم مثل جنود الهند وبقية المستعمرات، حتى قامت حركة الضباط الأحرار بخطوتها المغامرة، فالتفت حولها الجماهير المحرومة من الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.. ومن السلاح أيضا. ومع تبلور الخطاب الناصري تعلقت قلوب المصريين والعرب بمشروع التنمية المستقلة والتحديث وبعث الهوية القومية، وخلال تلك المرحلة كان الجيش المصري الذي يقف بالمرصاد للطامعين فينا من أوروبا الاستعمارية وأمريكا وإسرائيل هو نفس الجيش الذي أغلق الأحزاب والجرائد والحياة النيابية وفتح المعتقلات وعذب المعارضين وأهان العمال والطلبة والمثقفين وأسس لمحسوبية جديدة وفساد جديد، كما يقول التاريخ المدروس والمحكي، نفس الجيش الذي صفى دولة الباشوات التابعة لبريطانيا هو نفس الجيش الذي صنع طبقة جديدة من كبار البيروقراطيين في رأسمالية الدولة الناصرية، حتى وصل الأمر إلى هزيمة نكراء خارجيا وداخليا معا، هزيمة للوطن وللمواطن نفسه، وقد تطورت تلك الطبقة خلال عصر السادات الانفتاحي والمهادن للإمبريالية والصهيونية، ثم استفحلت خلال العصر المباركي الطويل الثقيل الرزيل ، لتصل الأمور بشباب وجماهير مصر إلى خلع مبارك في إطار واضح لا لبس فيه: «الشعب يريد إسقاط النظام» .. وهو كما نرى شعار طموح لا يتم إنجازه في 18 يوما .. بل يحتاج لشهور وشهور تكتشف خلالها الجماهير من هم بالتحديد أعمدة النظام الواجب سقوطه. ولكن المهم أن الشعب الذي لا تنقصه النخوة والصلابة انتفض مرة أخرى، الشعب الذي قاتل ببسالة في السويس ضد دبابات إسرائيل عام 73 قاتل ببسالة ضد قوات الأمن المباركية، الشعب الذي صفع 3 دول في بورسعيد عام 56 صفع زبانية مبارك، الشعب الذي قاتل ضد الإنجليز والباشوات في ثورة 19 انتفض مرة أخرى وشمر ساعديه لإبعاد أعدائه عن طريقه.. وسيفعل. إن قراءة التاريخ العسكري دون دراسة فصل المقاومة الشعبية مضلل وخطير، كما أن الرهان على طاعة الجيش لقياداته دائما وأبدا بغض النظر عما يدور في المجتمع قد يؤدي أحيانا لقرارات كارثية، والكيل بمكيالين هو أمر مذموم دائما، ومهاجمة رد الفعل دون التصدي للفعل الذي فجره أصلا هو شيء يخلو من العدل. الثورة ما زالت تنمو، وهي خطنا الأحمر الذي لن نسمح بتجاوزه، نحن لم نقدم بعد كل ما لدينا من تضحيات ومن إبداعات ثورية، التراجع بالنسبة لنا هزيمة مذلة واستعباد جديد لن نتجرعه أحياء. ليس أمامنا إلا التقدم والانتصار وتحقيق مجتمع التحرر الشامل والإنسان الكريم، وهذا هو ما لدينا.. من الآخر | |
|
مجموع المقالات: 0 | |