وقال المرسي إن وسائل الاعلام تعد المرآة الحقيقية التي تعكس وضع المجتمع من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية, ولا أحد ينكر الدور المهم الذي يلعبه الاعلام المرئي أو المسموع أو المكتوب في تنوير الرأي العام وبث الوعي وتدعيم الثقافة وتكريس الحياة الديمقراطية وفضح التجاوزات ونقل الرأي والرأي الآخر.
وأوضح أن استقلال القضاء هو أساس عدل القاضي وتطلب ذلك ألا يخضع لهوي أو يذل لسلطان أو يخشي في الحق لومة لائم, ويعني استقلال القضاء تحرر سلطتهم من الخضوع لأي تأثير, ولعل تأثيرات الرأي العام من أخطر ما يهدد القاضي, وتعتبر وسائل الإعلام في شتي صورها من أهم المؤثرات في الرأي العام, وتبلغ خطورة تأثير وسائل الإعلام ذروتها إذا كان هذا التأثير في شأن دعوي منظورة أمام القضاء سواء ضد مرتكب الجريمة أو بالتعاطف معه أو مجرد إثارة العواطف المضللة.
وأضاف أنه يجب علي الرأي العام أن يساعد علي استقلال القضاء لأنه أساس بناء أي دولة, فيجب أن لاتكون شئون القضاء والقضاة محل حوار عام, ومن أجل ذلك حرص المشرع الدستوري علي حماية القاضي من أي تأثير ينال استقلاله وحياده فنص الإعلان الدستوري الصادر في30 من مارس2011 في المادة(47) علي أن: القضاة مستقلون, لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولايجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو شئون العدالة.
وقال المرسي إن علي القضاة أن لا يثنيهم عن الحق صيحة استحسان, ولا تأخذهم في الحق شدة عويل ونشيج بكاء, إذ يستحيل عليهم أن يجمعوا بين محبة الجمهور واستحسانه لهم, وبين واجبهم كقضاة, يكفيهم أن يؤدوا واجبهم بما تقضي به الذمة إرضاء للعدالة, ولذلك يجب عليهم أن لا يأبهوا برضا الجماهير أو عدم رضاهم وإنما يجب أن يقنعوا بالكفاف من رضا أنفسهم.
وأكد ضرورة الحرص كل الحرص علي عدم وقوع القاضي تحت تأثير الرأي العام بالابتعاد عن تتبع أفراد المجتمع قضايا بعينها سواء من هؤلاء الذين يولعون بأحد الخصوم فيلحون علي براءته ويرفعون لافتات بشعارات تتحدث عن مزاياه, أو هؤلاء الذين يعلنون سخطهم عليه فيطلبون توقيع أقصي عقوبة. محذرا من أن الصغط الجماهيري الإيجابي أو السلبي علي القضاء أثناء المحاكمات أمر خطير جدا, لأن القاضي يحكم بما أمامه من أوراق وأدلة وليس بالعلم العام أو الشخصي, وهذا هو حكم الرأي العام الذي يخشي تأثيره علي القاضي فينال من استقلاله فيأتي حكمه بعيدا كل البعد عن كلمة الحق, ليعبر عن إرضاء الرأي العام حقا كان أم باطلا.
وقال إن المشرع اشترط أن يصدر الحكم مشتملا علي الأسباب التي بني عليها وهو من أعظم الضمانات التي فرضها القانون علي القضاة, فهو مظهر قيامهم بما عليهم من واجب تدقيق البحث وإمعان النظر لتعرف الحقيقة التي يعلنونها فيما يفصلون فيه من الأقضية, وبه وحده يسلمون من مظنة الاستبداد, لأن تسبيب الأحكام كالعذر فيما يرتأونه يقدمونه بين يدي الخصوم والجمهور وبه يرفعون ما قد يرين علي الأذهان من الشكوك والريب فيدعون الجميع إلي عدلهم مطمئنين