الرئيسية » مقالات » الشارع السياسى |
ثورة المصريين أثبتت خطأ نظرية فوكوياما عن "نهاية التاريخ
لابد وان التاريخ ينحني اعجابا للمصريين الذين اثبتوا بثورتهم الشعبيه خطا نظريه المفكر الامريكي الياباني الاصل فرانسيس فوكوياما عن "نهايه التاريخ او موته"، فيما يسجل بجلال لحظات تحتفل فيها مصر بذكري ثوره 23 يوليو، التي كانت شانها شان ثوره 25 يناير علامه بارزه علي طريق النضال النبيل لشعب نبيل. ومن المثير للاهتمام ان هناك تيارًا عريضًا في مدارس التاريخ بالغرب يستشهد الآن بثوره 25 يناير والربيع العربي علي وجه العموم للبرهنه علي خطا نظريه فرانسيس فوكوياما المعروفه " بنهايه التاريخ" والتي تعني من وجهه نظره ان التاريخ قد انتهي بالانتصار النهائي للراسماليه الغربيه في السنوات الاخيره من القرن المنصرم. ورغم ان الدكتور خالد فهمي، رئيس لجنه توثيق ثوره 25 يناير، اشار الي مشكله عدم وجود وثائق للثورات المصريه السابقه متاحه بصوره مناسبه للمواطنين فهناك علي اي حال دراسات تاريخيه معتبره عن ثوره 23 يوليو لكتاب بعضهم كان له دور في هذه الثوره مثل احمد حمروش وثروت عكاشه، فيما صدر كتاب توثيقي جديد عن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر متزامنا مع حلول اول احتفال بذكري ثوره يوليو بعد ثوره 25 يناير . واللافت ان هذا الكتاب الذي صدر في القاهره بعنوان :"جمال عبد الناصر من القريه الي الوطن العربي الكبير 1918-1970" يتوقف فيه المؤلفان خالد عزب وصفاء خليفه عند جذور التكوين الثقافي لقائد ثوره 23 يوليو واهتمامه بالقراءات الفلسفيه وتاريخ الثورات وخاصه الثوره الفرنسيه. كما يكشف الكتاب عن ولع لعبد الناصر بقراءه سير الشخصيات المؤثره في التاريخ جنبا الي جنب مع الروايات الكلاسيكيه مثل روايه "قصه مدينتين" لتشارلز ديكنز فيما نسب له القول انه تعلم من هذه الروايه سبل القيام بثوره بيضاء لا تراق فيها الدماء . وكان الدكتور خالد فهمي المتخصص اكاديميا في التاريخ، قد اوضح ان وظيفه لجنه توثيق ثوره 25 يناير هي جمع الماده الاوليه المتعلقه بثوره يناير واتاحتها للبحث العلمي الذي يتولي فيما بعد مهمه التفسير والتحليل مجددا الدعوه لكل من لديه اي ماده او شهاده عن الثوره لتقديمها للجنه عبر موقعها الالكتروني علي شبكه الانترنت. وتنطوي مساله توثيق ثوره يناير وتاريخها علي اهميه بالغه حتي علي صعيد الاعمال الثقافيه والابداعيه، حيث تقدم الماده اللازمه للمبدع حتي لايكون عمله مجرد انطباعات سطحيه او رؤيه عابره. وفي هذا السياق بدا الكاتب ابراهيم اصلان معارضا بشده لفكره التناول الابداعي الآني لثوره يناير اي تقديمها حاليا عبر اعمال روائيه او سينمائيه او دراميه معتبرًا ان "محاوله من هذا النوع ستتمخض عن كارثه فنيه محققه". وفي معرض حديثه عن "المكافئ الفني" لثوره يناير كحدث كبير-اوضح ابراهيم اصلان ان الاحداث الكبيره هي كذلك بسبب تاثيرها علي المدي الطويل في طبيعه العلاقات الانسانيه التي تصنع النسيج الاجتماعي الذي هو المجال الطبيعي لعمل الآداب والفنون بشكل عام. واشار الي ان المناسب الآن بالفعل هو الكتابه غير الادبيه مثل التعليقات والتحليلات التي تحتشد بها الصحف ووسائل الاعلام الاخري برغم ما يثيره ذلك احيانا من ارتباك ملموس مضيفا : "اذ تنتهي الثوره علي خير كما نامل جميعا سوف تصبح موضوعا ملائما لدراسات في علوم الاجتماع او التاريخ او علم النفس او الفلسفه". واردف اصلان قائلا: "اما علي مستوي التناول الفني والادبي للثوره فهذا ماسوف يتاتي عبر السعي التلقائي عن تاثير هذه الثوره وماخلقته في نسيج العلاقات الانسانيه "او مايسميه "بالمياه الجوفيه للمجتمع وهو مجال لاتستطيع سوي الاداب والفنون التعامل معه". وكانت مؤسسه الاهرام قد بادرت باستحداث وحده خاصه لتوثيق وتاريخ ثوره 25 يناير فيما ناشدت كل من لديه معلومات او شهادات او صور تتعلق باحداث الثوره التواصل مع هذه الوحده معربه عن استعدادها للتعاون مع كل الجهات والهيئات التي تقوم بنفس المهمه. وسعي معلقون في الصحف ووسائل الاعلام المصريه للربط والمقارنه بين ثورتي يوليو ويناير كمحطتين بارزتين في تاريخ مصر ونضال شعبها منوهين باهميه التحليل الموضوعي للتعرف علي ملامح الفكر الثوري المصري المنادي بالكرامه والحريه والعداله . ولفتوا الي خطوره محاولات اثاره الفرقه والخلاف بين جموع المصريين فيما اكد الكاتب الصحفي اسامه غيث في جريده الاهرام علي اهميه استعاده دروس وخبرات التاريخ المصري خاصه تاريخ الثورات المصريه الكبري في القرنين التاسع عشر والعشرين. واعاد اسامه غيث للاذهان روايه القاهره-30 للمبدع المصري الخالد نجيب محفوظ والتي يصور فيها صاحب جائزه نوبل الارهاصات الحقيقيه للثوره الناجمه عن السقوط المدوي للاخلاق والقيم تحت مفصله الازمات الاقتصاديه الطاحنه والفساد البواح ومجون القله التي احتكرت السلطه والثروه. وخلص غيث في طرحه بمناسبه ذكري ثوره يوليو وسعيه للاجابه عن :"لماذا تثور مصر؟ ومتي يثور المصريون" الي ان الثوره تنفجر دائما عندما تصل الوقاحه بالطغيان الي درجه الاستهانه الفجه بكرامه الانسان وشرفه وعرضه وحقوقه الانسانيه الاساسيه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه وتتسارع وتيره الانفجار عندما يتحول الطغيان الي معول هدم للكيان والدور المصري وعندما تختنق انفاس المصريين بتوليه الاسوا والاردا والافسد شئون بلدهم وتظهر عورات الجهل. ويلاحظ مايك هاينز وجيم ولفريز محررا كتاب "التاريخ والثوره" ان هناك تاثيرا للانتماءات الفكريه لبعض المؤرخين علي مواقفهم حيال الثورات موضحين علي سبيل المثال ان المؤرخين المرتبطين بنظريه فوكوياما حول نهايه التاريخ يعمدون للتقليل من اهميه الثورات حتي ان البعض منهم يعتبر هذه الثورات بمثابه انتباهه عابره للتاريخ الذي انتهي في نظرهم اكثر منها منعطفات جذريه او نقاط تحول حاسمه في مجري التاريخ. وفي كتاب "الثوره المصريه" للكاتبين آلان وودوز وفريد ويستون ثمه احالات تاريخيه داله تربط بين الجماهير المصريه الهادره التي خرجت لتكتب تاريخا جديدا وثورات كبري في العالم مثل الثوره الفرنسيه. ويسترجع الكتاب في هذا السياق حوارا جري بين الملك لويس السادس عشر واحد الدوقات بعد سقوط الباستيل حيث ساله الملك :"هل هذا تمرد؟" فاجاب :"لاياسيدي انها ثوره". ولعل حكمه التاريخ وتدبر عبره ودروسه مفيده في ادراك اهميه عبور المرحله الانتقاليه في اي ثوره بسرعه بعيدا عن الوقوع في فخ جدل لاطائل منه او الانسياق لمحاولات الوقيعه والفرقه فيما يتطلع المصريون لاجراء الانتخابات بنزاهه وشفافيه وبناء مؤسسات دولتهم الديمقراطيه الجديده . من حق المصريين ان يفخروا بثورتهم التي اثبتت ان التاريخ لم يمت ولم ينته بعد، كما تصور فوكوياما وانما كان في اغفاءه طالت قليلا ثم استيقظ علي ايقاع ثوره 25 يناير الشعبيه التي حماها جيش مصر، وهاهي ثوره يناير تعانق ثوره يوليو وصولا لدوله الحريه والعداله
| |
مشاهده: 427 | الترتيب: 5.0/1 |
مجموع المقالات: 0 | |